أبو جهل عمرو بن هشام، كان سيدًا من سادات قريش وأشرافها في الجاهلية. وكان صاحب رأي سديد وحكيم، لذلك دخل إلى دار الندوة في عمرٍ صغير وهو لا يتجاوز 25 عامًا. رغم كل من فيها كان يتجاوز الخمسين. كان زعماء قريش يأخذون برأيه، لكن لما جاء الإسلام أصبح كثير الغضب والحقد وفقد السيطرة. وكان من أشد المعادين للنبي صلى الله عليه وسلم، وللصحابة جميعًا، وتعرض لهم بالإيذاء والتعذيب.

 

من هو أبو جهل؟

اسم أبو جهل: عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

كنيته: أبو الحكم، أبو جهل.

أمه: أسماء بنت مخربة بن جندل بن أبير التميمية.

أبناؤه: عكرمة بن  أبي جهل، أبو علقمة، أبو حاجب، الحنفاء، صخرة، أسماء، جويرية.

 

مواقف أبو جهل مع الرسول

كانت مواقفه مع النبي مليئة بالأذى والعداوة الشديدة له ولدعوته. ومن أشهر مواقفه ما يلي:

شماتته في موت القاسم

بعد موت القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صغير في السن، قال أبو جهل “بتر محمد، وليس له من يقوم بأمره من بعده”. وهنا أنزل الله قوله تعالى (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ).

دوره في محاولة قتل النبي

خلال هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة المنورة، اجتمع زعماء قريش في دار الندوة. وكان الاجتماع حتى يقرروا ماذا يفعلون برسول الله، فاقترح البعض أن يقيدوه، والبعض اقترح أن يحبسوه. أما أبو جهل فهو صاحب الاقتراح الأشهر؛ يأخذوا من كل قبيلة رجل، فيضربوه ضربة رجل واحد. وهكذا يتوزع دمه بين القبائل، فيقبل بنو هاشم الدية ولا يستطيعون الثأر له.

إيذاؤه وتكذيبه للنبي

كان شديد الكبر والاستهزاء بالنبي ودعوته. وقد ورد أنه كان يذهب لرسول الله، كي يسمع القرآن، ثم ينصرف من عنده وقد زاد تكبره وعناده. فأنزل الله فيه قوله تعالى (ثمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى).

وعندما جهر رسول الله بدعوته، أقسم أبو جهل إن رآه سيعفر وجهه الشريف بالتراب. ولما وصل لمكان النبي وجده يصلي، فرد الله كيده وجعله يمشي إلى الخلف. وأنزل الله فيه قوله تعالى (كَلَّا إنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى). وقال النبي صلى الله عليه وسلم “لو دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا”.

كما ورد أيضًا أنه أقسم إذا وجد النبي صلى الله عليه وسلم، يصلى أن يطأ عنقه. وعندما وجده يصلي، قال له “ألم أنهك عن الصلاة”. فأنزل الله فيه قوله تعالى (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى* عَبْدًا إِذَا صَلَّى).

وكان أبو جهل يأمر المشركين إذا وجدوا رسول الله يصلي عند البيت، أن يضعوا عليه أمعاء الإبل. وعندما فعل أحدهم ذلك، ضحك زعماء مكة وكان منهم أبو جهل، فقال النبي “اللهم عليك بأبي جهل”. وجاءت السيدة فاطمة رضي الله عنها، وأخذت تبعده عن النبي، وتنظف ثيابه.

وبعد ليلة الإسراء والمعراج، أخبر النبي قريش بما حدث معه في الإسراء، وأنه ذهب من مكة إلى القدس في ليلة واحدة. فقال أبو جهل “يخوفنا محمد شجرة الزقوم، هاتوا تمرًا وزبدًا فتزقموه”.

 

هل أسلم أبو جهل قبل موته؟

لم يسلم أبو جهل، وظل على عناده وشركه حتى قُتِل في غزوة بدر. وكان السبب في ذلك حبه للزعامة، وخوفه من سيطرة عائلة النبي على قريش. فقد ورد أن الأخنس بن شريق، سأل أبو جهل عن النبي، أصادق أم كاذب. فقال له “ويحك إن محمداً لصادق وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهبت بنو قصي باللواء، والسقاية، والحجابة، والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟”.

 

أبو جهل عم الرسول؟

لم يكن أبو جهل عم الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو ليس من عائلته. لكنه من نفس قبيلة النبي وهي قبيلة قريش. ويجتمع نسبه مع رسول الله في مرة بن كعب بن لؤي. وعم النبي الذي أذاه وعاداه هو أبو لهب بن عبد المطلب، الذي يتشابه مع أبو جهل في معاداة الإسلام والمسلمين.

 

لماذا سمي أبو جهل بهذا الاسم؟

قيل أن من أطلق عليه ذلك هو عمه الوليد بن المغيرة، بسبب شدة غضبه. وكلمة الجهل عند العرب قديمًا ضد الحلم.

وقيل أن المسلمون هم من أطلقوا عليه هذا الاسم لشدة عدائه لهم، وجهله واستكباره على الإسلام.

وقيل أن النبي صلى الله عليه وسلم هو سماه بذلك، بعد أن قتل الصحابية سمية بنت خباط، أول شهيدة في الإسلام. حيث ضربها بحربة في قُبُلِها حتى ماتت، وكانت امرأة عجوزة وضعيفة.

وكان النبي قد دعا الله أن يعز الإسلام بأحد العمرين؛ عمرو بن هشام، أو عمر بن الخطاب. فأسلم عمر ولم يسلم هو، فأنزل الله فيه قوله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ). وقال بن عباس أن الآية الكريمة نزلت في أبي جهل.

 

أبناء أبو جهل الذين أسلموا

كان عكرمة بن أبي جهل صحابي جليل، أسلم بعد فتح مكة. وكان له دور كبير بعد وفاة النبي، وجاهد في سبيل الله. ففي عهد أبي بكر الصديق حارب المرتدين بكل شجاعة. واختلف العلماء في يوم وفاته، فقيل أنه قاتل مع خالد بن الوليد بكل شجاعة في معركة اليرموك، حتى استشهد. وقيل أنه قُتل في عهد أبي بكر الصديق، في معركة أجنادين، أو مرج الصفر.

 

هل أسلمت زوجة أبو جهل؟

تزوج أبو جهل من 4 نساء، ولم يرد أي خبر عن إسلامهن في كتب السير والتراجم. كما أن المعلومات الواردة عنهنَّ قليلة. وزوجاته هنَّ:

أم مجالد بنت يربوع الهلالية العامرية.

أم زرارة بنت عمير بن معبد بن زرارة بن عدس الدارمية التميمية.

عائشة بنت الحارث بن الربيع بن زياد العبسية الغطفانية.

أروى بنت أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية الكنانية.

 

من قتل أبو جهل؟

كان أبو جهل من حرض قريش على قتال المسلمين في غزوة بدر، رغم وصول خبر نجاة قافلة أبي سفيان. ورغم رغبة زعماء مكة في العودة، لكنه قال “لا والله، لا نرجع حتى نرد بدرًا، ونحتفل ثلاثة أيام، وننحر الإبل، ونشرب الخمر، فتسمع بنا العرب فتاهبنا”.

ولما بدأت المعركة، كان المسلمون يتنافسون على قتله، حتى وصل إليه غلامان صغيران، هما “معاذ والمعوّذ ابنا عفراء”. انقضا عليه معًا وضرباه بسيفيهما، ثم ذهبا إلى رسول الله يبشراه. وكان كلًا منهما يقول للنبي أنا قتلته، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى سيفيهما، وحكم بينهما. فكان من قتله معاذ بن عمرو بن الجموح.

 

أبو جهل وعبد الله بن مسعود

انطلق عبد الله بن مسعود إلى أبي جهل، فوجد فيه الرمق، وما زال على عناده وشركه. فضربه ضربة مميتة وقطع رأسه، وانطلق إلى النبي فرحًا. فابتهج المسلمون لمقتله، والتخلص من مكره وعداءه.

لكن هذه الرواية ليس لها إسناد صحيح، لأنه لم يحمل إلى رسول الله رأس قط. وقد حمل رأس إلى أبي بكر الصديق، فأنكر ذلك. كما ذكر أبو داوود في سننه، نقلًا عن الزهري.

 

المصادر:

موقع إسلام ويب: هل قطع ابن مسعود رأس أبي جهل وحمله إلى رسول الله؟.

البلاذري: أنساب الأشراف.

ابن كثير: البداية والنهاية.

سيرة بن هشام.

نسب قريش، مصعب بن عبد الله الزبيري، دار المعارف – القاهرة ، ص 310 – 312.

صحيح مسلم، كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ، حديث رقم 3462.

 

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات