كان الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بن مروان عاشر خلفاء الدولة الأموية. وفي عهده اتسعت رقعة الدولة الإسلامية لأقصى امتداد لها. كما وقعت العديد من الأحداث الهامة مثل معركة بلاط الشهداء، وثورة زيد بن علي وبداية ظهور دعاة بني العباس. كان هشام عاقلًا حازمًا سائسًا فيه ظلم وعدل، كما وصفه الذهبي. حيث مثَّل الوسطية بين سياسية ملوك بني أمية ونهج أمير المؤمنين عمر بن العزيز. وكان رجل دولة ذكي حريص على مصالح دولته ورعيته، وشديد الحرص على أموال المسلمين، فوصفه الشعراء بالبخل.

 

نسبه

اسمه: هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس.

كنيته: أبو الوليد.

أبوه: الخليفة عبد الملك بن مروان.

جده: الخليفة مروان بن الحكم.

أمه: فاطمة بنت هشام بن إسماعيل المخزومي.

زوجاته: أُم حكيم بنت يحيى، وعبدة بنت عبد الله بن الخليفة يزيد، وأم عثمان بنت سعد بن خالد.

إخوته: الخليفة الوليد بن عبد الملك، الخليفة سليمان بن عبد الملك، الخليفة يزيد بن عبد الملك، مسلمة بن عبد الملك، محمد، سعيد، مروان، فاطمة.

أبناؤه: معاوية، مسلمة، يزيد، محمد، سليمان، يحي، عبد الله، مروان، يحي الأصغر، عبد الله الأصغر، سعيد، عبد الرحمن، عثمان، قريش، خلف، الوليد، عبيد الله، عبد الملك، أم سلمة، أم هشام، وعائشة.

حفيده: عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ( عبد الرحمن الداخل) مؤسس الدولة الأموية في الأندلس.

 

نشأته

ولد هشام بن عبد الملك تقريبًا سنة 72 من الهجرة. نشأ في بيت الخلافة، فهو الابن الرابع لعبد الملك بن مروان. وكان حريصًا على مال المسلمين، شديد المحاسبة للمشرفين على الدواوين، فوصفه الشعراء بالبخل. وقال عنه الجاحظ في البخلاء: وكان هشام يقول: ضع الدرهم على الدرهم يكون مالاً.

وكان لهشام الكثير من الأولاد، اختلف المؤرخون في عددهم، وقد حاول تربيتهم تربية إسلامية. واختار لهم العلماء والأدباء وأهل اللغة والشعر، كي يتعلموا على أيديهم. وكان حريصًا على حفظهم القرآن والحديث، شديدًا عليهم في الحق، كما أشركهم في الحروب.

لكن لم يشتهر من أولاد هشام سوى معاوية وهو والد عبد الرحمن الداخل. وقال عنه ابن حزم: قاد الصوائف عشر سنين، وشارك في قيادة الحملات الموجهة لغزو الروم زمن أبيه أكثر من 10 مرات.

 

خلافة هشام بن عبد الملك

تولى هشام الخلافة سنة 105 من الهجرة، بعد وفاة أخيه يزيد بن عبد الملك. وكان حازمًا ذكيًا فيه حلم وأناة، وقد شتم مرة رجلا من الأشراف، فقال: أتشتمني وأنت خليفة الله في الأرض؟ فاستحيا وقال: اقتص مني بمثلها . فقال: إذن أكون سفيها مثلك. قال: فخذ عوضًا منها. قال: لا أفعل. ثم قال: فاتركها لله. قال: هي لله، ثم لك. فقال هشام عند ذلك: والله لا أعود إلى مثلها.

وكان هشام رجل دولة شديد المراقبة لعماله، فقال عنه عبد الله بن علي بن العباس: جمعت دواوين بني مروان فلم أَرَ ديوانًا أصح ولا أصلح للعامة والسلطان من ديوان هشام.

كما كان يضع المراقبون على العمال والولاة، ليتأكد من حكمهم الناس بالعدل. وكان أيضًا يختلط بالناس ويسأل عن أحوالهم، ويرفع عنهم الظلم. ورغم حرصه لكنه كان يقبل الهدايا من الولاة والعمال وغيرهم، وهذا منافي لنهج الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز.

ذكرت بعض الروايات أنه كان يشرب الخمر في مجلسه بعد صلاة الجمعة، لكنها تنافي سيرته. كما قرب إليه العلماء مثل ابن الزهري، والإمام الأوزاعي وغيرهم. وكان للعلماء تأثير واضح على سلوك هشام واتخاذه للقرارات. كما أنه استخدم سياسة وسط بين طريقة عمر بن عبد العزيز الإسلامية وسياسة المُلك، لذلك قال عنه الذهبي: فيه ظلم مع عدل.

ومن أهم انجازاته خلال خلافته، هو التصدي للاضطرابات الخارجية، فقد حافظ على حدود الدولة الإسلامية. فسير الجيوش إلى بلاد ما وراء النهر وحارب الترك والخزر الذين حاولوا التمرد على الدولة. وكان يعتمد في قيادة الجيوش على أخيه مسلمة بن عبد الملك، وأبنائه وأبناء عمه.

وعلى الجانب الآخر، اهتم بالعمارة الأموية، وترجمة العلوم، وجلب العلماء والمفكرين. وكانت دمشق في عهده منارة للعلم والحضارة.

 

أهم الأحداث خلال خلافته

معركة بلاط الشهداء

بعد توقف حركة الفتوحات في عهد عمر بن عبد العزيز ويزيد بن عبد الملك، عادت من جديد في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك. وتقدم عبد الرحمن الغافقي وهزم الإفرنج والنصارى وانتصر عليهم حتى وصل إلى بواتييه. وهناك اصطدم بشارل مارتل وتعرض لهزيمة كبيرة انتهت باستشهاده، سنة 114 هـ. وكانت معركة بلاط الشهداء آخر حملة إسلامية في أوروبا الغربية.

ثورة زيد بن علي

وقد اختلف العلماء في سبب خروجه على بني أمية. وانتهى الأمر بقتله  على يد والي الكوفة يوسف بن عمر الثقفي سنة 122 من الهجرة.

ثورة البربر

انتفض البربر ضد الدولة الأموية، وكان ذلك من سنة 122 هـ، إلى سنة 125 هـ. بدأت الثورة من مدينة طنجة وانتشرت في جميع بلدان شمال أفريقيا والأندلس. وتولى قيادة الثورة ميسرة المطغري. وكان السبب خلف الثورة هو سياسة حكام بني أمية غير المتكافئة بين العرب والبربر في كل شيء.

 

وفاته

توفى هشام بن عبد الملك في شهر ربيع الآخر سنة 125 من الهجرة. وكانت وفاته بالرصافة، وعمره بضع وخمسين سنة، وقيل تجاوز الستين. وقد استمرت خلافته 20 عامًا تقريبًا. وتولى الخلافة من بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك.

يقول ابن كثير: “لما مات هشام بن عبد الملك مات مُلْكُ بني أمية وتولى، وأدبر أمر الجهاد في سبيل الله، واضطرب أمرهم جدًّا… وما زالوا كذلك حتى خرجت عليهم بنو العباس فاستلبوهم نعمتهم وملكهم، وقتلوا منهم خلقًا وسلبوهم الخلافة”.

 

 

 

اقرأ أيضًا: معاوية بن أبي سفيان.. مؤسس الدولة الأموية

 

المصادر:

ابن كثير: البداية والنهاية.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

الزركلي: الأعلام.

ابن عساكري: تاريخ دمشق.

إسلام ويب: وفاة هشام بن عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين رحمه الله وترجمته.

 

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات