هل مات الحسن بن علي مسمومًا؟ يقول البعض أنه مات بسبب السم، وقامت زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس بدس السم له بإيعاز من يزيد بن معاوية أو معاوية نفسه. والمشهور أن الحسن رضي الله عنه مات مسمومًا، لكن لا يعرف من سممه. والروايات التي تتردد حول اتهام زوجته ويزيد أو معاوية كلها باطلة لا سند لها ومن أحاديث الشيعة. والمنطق أيضًا ينفي حدوث ذلك، فقد تنازل الحسن عن الخلافة بمحض إرادته ولم يكن منه خطر على معاوية. العكس تمامًا فقد كانت علاقتهما جيدة، وعندما كان ينزل على معاوية كان يستقبله أفضل استقبال، ويقول له “أهلًا ومرحبًا بابن رسول الله”، إذَا فلماذا يفعل ذلك؟

 

رأي العلماء في موت الحسن بن علي

قال الحافظ بن حجر: يقال إنه مات مسمومًا، وقد روي أن الحسن قال: لقد لفظت طائفة من كبدي وإني قد سقيت السم مرارًا فلم أسق مثل هذا، فأتاه الحسين بن علي فسأله من سقاك ؟ فأبى أن يخبره”.

وقل قتادة: قال الحسن للحسين: “قد سقيت السم غير مرة، ولم أسق مثل هذه، إني لأضع كبدي” فقال: من فعله؟ فأبى أن يخبره “.

وقال ابن كثير: وروى بعضهم أن يزيد بن معاوية بعث إلى جعدة بنت الأشعث أن سُمي الحسن وأنا أتزوجك بعده، ففعلت. فلما مات الحسن بعثت إليه،، فقال: إنّا والله لم نرضك للحسن، أفنرضاك لأنفسنا؟. يعلق بن كثير “وعندي أن هذا ليس صحيح”.

وقال ابن خلدون “وما نقل من أن معاوية دس إليه السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث، فهو من أحاديث الشيعة، حاشا لمعاوية من ذلك”.

 

وفاة الحسن بن علي

لما اشتد الوجع على الحسن جزع، فدخل عليه رجل فقال له: يا أبا محمد، ما هذا الجزع؟ ما هو إلا أن تفارق روحك جسدك، فتقدم على أبويك علي وفاطمة، وعلى جديك النبي صلى الله عليه وسلم وخديجة، وعلى أعمامك حمزة وجعفر، وعلى أخوالك القاسم الطيب ومطهر وإبراهيم، وعلى خالاتك رقية وأم كلثوم وزينب. قال: فسُرّيَ عنه. وقيل أن الحسين هو من قال له ذلك.

واختلف العلماء في السنة التي مات فيها الصحابي الجليل الحسن بن علي، قيل مات سنة 49 هـ، وقيل سنة 50هـ، وقيل سنة 51 هـ. وكان رضي الله عنه ابن 47 سنة أو 48 سنة. وقبل وفاته أوصى الحسين أن يدفنه في الحجرة بجوار رسول الله ، لكن لو نازعه أحد يدفنه في مقابر المسلمين. وعندما حاول الحسين دفنه في الحجرة منعه مروان بن الحكم، وقال والي المدينة سعيد بن العاص “لا ندعه يدفن مع رسول الله، أيدفن عثمان بالبقيع، ويدفن الحسن بن علي في الحجرة”.

تنازع الحسين ومروان وكادا يتقاتلا، لكن وقف الصحابة بينهما وكان منهم ابن عمر وسعد بن أبي وقاص، فقال له أبو هريرة “أنشدك الله ووصية أخيك، فإن القوم لن يدعوك حتى يكون بينكم دماء”

دفنه الحسين في البقيع عند قبر فاطمة بنت أسد، واجتمع الناس في جنازته فلم يكن هناك متسع في البقيع. وكان سعيد بن العاص والي المدينة فقدمه الحسين لصلاة الجنازة وقال له “تقدم، فلولا أنها سنة ما قُدِّمت”.

 

نبذة عن الحسن بن علي

اختلف العلماء في تاريخ ولادة الحسن بن علي رضي الله عنه، لكن الرأي الراجح أنه ولد في شهر مضان سنة 3 من الهجرة. وكان النبي يحبه ويرعاه ويأخذه معه إلى المسجد، وكان يركب على  ظهره أثناء السجود. كما كان النبي يضعه في حجره ويرقيه، ويعلمه الصلاة والحلال والحرام، ويعلمه أيضًا الدعاء. وعندما توفى النبي سنة 11 من الهجرة، كان عمره تقريبًا 8 سنوات. ثم توفت أمه فاطمة الزهراء بعد أبيها بشهر أو 3 أشهر.

في عهد أبي بكر الصديق، كان الحسن ما زال طفلًا، لذلك لم يسجل له التاريخ أي دور في هذه الفترة. لكن في خلافة عمر بن الخطاب أصبح شابًا، وكان عمر يحبه ويعطيه هو وأخيه الحسين من الغنائم، وضمهم لفريضة أهل بدر، وكانت قيمتها 5 آلاف دينار.

في عهد عثمان بن عفان أصبح الحسن والحسين في العشرينات والتحقوا بالجهاد والفتوحات. وكانا ضمن جيش عبد الله بن أبي السرح الذي خرج لفتح إفريقية سنة 26 هـ. ثم شارك الحسن والحسين في فتح طبرستان سنة 30 هـ، تحت قيادة سعيد بن العاص.

وكان الحسن من المدافعين عن عثمان عندما حاصره الثوار سنة 35 هـ، وظل يدفعهم ويحارب بسيفين. ولما قُتِل عثمان حزن عليه حزنًا شديدًا. عن الحسن البصري قال “كان الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يرد الناس عن الدار بسيفين يضرب بيديه جميعًا”.

وعندما تولى علي بن أبي طالب الخلافة سكن معه بالكوفة، رغم عدم رغبته في أن يترك والده المدينة المنورة. وفي معركة الجمل وصفين، كان الحسن على ميمنة الجيش، رغم أنه كان لا يحب القتال، وكان ينصح والده أن يتركه.

 

خلافة الحسن

لما قُتِل علي بن أبي طالب، بايع الناس ابنه الحسن بالخلافة، في شهر رمضان سنة 40 هـ. وكان أول من بايع الحس هو قيس بن سعد الأنصاري، وفي نفس الوقت كان معاوية بن أبي سفيان والي الشام، ولما قُتِل علي لقبه الناس بأمير المؤمنين وبايعوه في نفس العام.

كانت خلافة الحسن رضي الله عنه تقريبًا 6 شهور وهي المكملة لفترة الخلافة الراشدة لتكون بذلك 30 عامًا. فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك”.

ثم تنازل الحسن عن الخلافة حقنًا لدماء المسلمين وتوحيد صفوفهم. وذًكِر أنه رضي الله عنه، قال عندما سُئِل لماذا تنازل عن الخلافة لمعاوية “كَرِهْتُ الدُّنْيَا وَرَأَيْتُ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَوْمًا لَا يَثِقُ بِهِمْ أَحَدٌ أَبَدًا إِلَّا غُلِبَ”.

 

 

 

المصادر:

ابن كثير: البداية والنهاية.

ابن حزم الأندلسي: جمهرة أنساب العرب.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن حجر العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة.

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

البلاذري: أنساب الأشراف.

ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.

موقع قصة الإسلام: خبر تسمم الحسن بن علي رضي الله عنهما.

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات