لقد كانت ولادة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، نورًا للعالمين بعد عصور من ظلمات الكفر والشرك بالله. أرسله الله عز وجل هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، للإنس والجن، ليكون خاتمًا للنبيين والمرسلين. فأتم الرسالة وأدى الأمانة وأتم للناس أمور دينهم  بعد 23 عامًا من نشر الدعوة والجهاد في سبيل الله. وتعرض خلال دعوته لأشد أنواع الظلم والاضطهاد من قبيلته وأقرب الأقربين إليه، مثل عمه أبو لهب وزوجته أم جميل.

 

تاريخ ولادة الرسول

ولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في فجر يوم 12 ربيع الأول، في عام الفيل، تقريبًا بعد غزو أبرهة الحبشي للكعبة بخمسين يومًا. أما تاريخ ولادته الميلادي 22 إبريل سنة 571م. وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: “ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت فيه، أو أنزل عليّ فيه”، عندما سأله أحد عن صيام يوم الاثنين .

 

مكان ولادة الرسول

ولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، في شعب أبي طالب، في دار كانت تعرف بدار “ابن يوسف”. هذا المكان يبعد اليوم عن المسجد الحرام بـ 300 متر، وفيه مكتبة مكة المكرمة.  وكانت أم عبد الرحمن بن عوف هي من تولت أمر ولادته، وكان اسمها ” الشفاء”.

 

كيف كانت ولادة الرسول؟

لم تشعر أمه السيدة آمنة بنت وهب بألم الحمل والولادة، وعند ولادته رأت كأن نورًا خرج منها أضاءت له قصور الشام. وظلت مدة حملها لدى قبيلتها، وروى أنها عندما حملت به قيل لها “إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع على الأرض فقولي “أعيذه بالواحد من شر كل حاسد”، ثم سميه “محمدًا”.

كما فرح جده عبد المطلب لولادته، وأخذه ودخل به الكعبة وسماه “محمد” ولم يكن هذا الاسم معروفًا وقتها. كما أن عمه أبا لهب فرح أيضًا لولادته، حتى قيل أنه أعتق الجارية التي بشرته بالخبر، وكان اسمها ثويبة.

مات أبوه عبد الله بن عبد المطلب بعد أشهر من ولادته، وقيل عندما كانت أمه حاملًا فيه بشهرين، فنشأ صلى الله عليه وسلم يتيمًا.

يقول حسان بن ثابت عندما علم اليهود بولادته “والله إني لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديًا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب: يا معشر يهود، حتى إذا اجتمعوا إليه، قالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به”.

 

ما هي المعجزات التي حدثت عند ولادة الرسول؟

كانت هناك الكثير من المعجزات وعلامات النبوة عند مولد أشرف الخلق والمرسلين، مثل:

أن أبليس لعنه الله، رن أربع رنات، رنة حين لعن، ورنة حين أهبط، ورنة حين ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كما ورد أن حين ولادته صلى الله عليه وسلم، خرج نورًا من أمه آمنه بنت وهب. فعن فاطمة بنت عبد الله قالت “حضرت ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت البيت حين وضع قد امتلأ نوراً، ورأيت النجوم تدنو حتى ظننت أنها ستقع علي”.

من معجزات ولادته أيضًا صلى الله عليه وسلم، أنه لم ينزل من بطن أمه مثل باقي الأطفال، بل نزل قابضًا اليدين رافعًا سبابته كالمسبح، وناظرًا إلى السماء.

كما ذكر البعض معجزات وعلامات ليس لها سند صحيح، وضعفها العلماء، مثل أن النبي ولد مختونًا مسرورًا. أيضًا قال البعض أن بولادته اهتز إيوان كسرى، وانطفأت نار المجوس. لكن كلها روايات لا سند لها.

 

والدة الرسول آمنة بنت وهب

آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. هي ابنة سيد بني زهرة، وأفضل بنات قريش نسبًا وخلقًا. ويلتقي نسبها مع زوجها عبد الله بن عبد المطلب في كلاب بن مرة. عاشت رضي الله عنها في بيت عمها وهيب بن عبد مناف.

كما كانت تسافر كل عام إلى المدينة المنور لزيارة أخوالها وقبر زوجها وكانت تأخذ النبي معها وخادمتها أم أيمن. وفي إحدى المرات ماتت في الطريق، وكان عمر النبي 6 سنوات. اختلف العلماء في مكان قبرها، فقيل أنه بالأبواء، وهي منطقة تبعد عن مدينة جدة حوالي 190 كيلو. وقيل أنها دفنت في الحجون على جبل، وكان قبرها معروفًا لكنه أزيل لاحقًا. وقيل أن قبرها عند مقبرة أم عثمان، كما ينسبون قبورًا لها في الأبواء.

 

نشأة النبي

تربى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت مرضعته حليمة السعدية، فنشأ في أرض قبيلة هذيل. وكان سببًا في حلول الخير والبركة عليها، وعندها آتاه جبريل وشق صدره. وعندما ماتت أم النبي، قامت مولاتها أم أيمن برعايته، ثم كفله جده عبد المطلب، لكنه مات أيضًا وعمره ثماني سنوات. ثم انتقلت كفالته لعمه أبو طالب، فرباه بين أولاده ورعاه.

اشتغل الرسول صلى الله عليه وسلم في شبابه في رعي الغنم لأهل مكة، ليساعد عمه أبا طالب بسبب ضيق الحال. فقد روي أنه قال “ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم”.

عندما كان النبي محمد في الثانية عشرة من عمره، سافر مع عمه أبي طالب إلى الشام من أجل التجارة. فرآه راهب عالم بالإنجيل فقال لعمه “ارجع بابن أخيك إلى بلدك واحذر عليه اليهود فوالله إن رأوه أو عرفوا منه الذي أعرف ليبغنه عنتًا، فإنه كائن لابن أخيك شأن عظيم نجده في كتبنا وما ورثنا من آبائنا”.

 

هل شارك الرسول في حرب الفجار؟

ذكر البعض أن الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما كان شابًا ابن عشرين سنة، قد شارك في حرب الفجار مع أعمامه. وهي الحرب التي نشأت بين قريش وكنانة، وبين قبائل قيس وعيلان. فقد قيل أن النبي قال: “كنت أُنَبِّل على أعمامي. أي أرد عنهم نبل عدوهم إذا رموهم بها”. وذُكِر أنه قال أيضًا “قد حضرته مع عمومتي ورميت فيه بأسهم، وما أحبُّ أني لم أكن فعلت”.

لكن هذه الأحاديث ضعيفة السند، ولم يذكر العلماء هذه الواقعة في كتب السيرة النبوية، مما دل على عدم صحتها.

 

صفات الرسول

كان الرسول صلى الله عليه وسلم، محبوبًا بين قومه، بسبب صدقه وأمانته، حتى أن قريشًا لقبته بـ”بالصادق الأمين”، وكان أهل مكة يتركون أماناتهم عنده. لم يكن محمد بن عبد الله مثل شباب قريش الذين يلعبون ويلهون، ولم يسجد أيضًا لأصنامهم قط.

كان الرسول محمد شابًا مسؤولًا، فشارك في “حلف الفضول”، وهو ميثاق تعهدت فيه قريش بحماية المظلومين والضعفاء. وعنما قرر أهل مكة تجديد بناء الكعبة وقع بينهم خلاف فيمن يضع الحجر الأسود. ولما دخل عليهم قالوا: “هذا الأمينُ، قد رَضينا بما يقضي بيننا”. فاقترح صلى الله عليه وسلم، أن يوضع الحجر على ثوب، وكل قبيلة تحمل طرفًا منه. وبهذه الطريقة حل مشكلة كبيرة، كان يمكن أن تشتعل قريش بسببها.

 

 

 

المصادر

تاريخ الإِسلام للذهبي، ص 61.
البداية والنهاية لابن كثير، 2/ 289.
الطبقات (4/ 128).
صحيح السيرة النبوية للطرهوني، 1/ 16.

موقع قصة الإسلام: هل اشترك رسول الله في حرب الفجار؟.

موقع إسلام ويب: معجزات ولادته صلى الله عليه وسلم.  

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات