كان الصحابي الجليل صهيب الرومي أو صهيب بن سنان رضي الله عنه، من السابقين إلى الإسلام. وكان صاحبًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، ولما جاء الإسلام كان من المسلمين الأوائل الذين أظهروا إسلامهم. وتعرض في سبيل إسلامه إلى اضطهاد وتعذيب قريش مثله مثل المستضعفين من العبيد.

 

نسب صهيب الرومي

اسمه: صهيب بن سنان بن مالك، وقيل: خالد بن عبد عمرو بن عقيل، وقيل: طفيل بن عامر بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن أسلم بن أوس بن زيد مناة بن النمر بن قاسط النمري.

أمه: سلمى بنت قعيد بن مهيض. وهي سيدة من بني مالك بن عمرو بن تميم.

لقبه: الرومي، لأن الروم قاموا بسبيه وهو طفل صغر.

 

نشأته

كان أبوه أو عمه عامل كسرى فارس على الأبلة، وكانت منازلهم على نهر دجلة ناحية الموصل. فنشأ صهيب في قصر كبير وعاش طفولته في جاه وثراء. وفي يوم أغار الروم على منازلهم فسبوه وأخذوه معهم، فعاش بين الروم وأخذ عنهم لكنتهم، ثم اشتراه رجل من قبيلة كلب وباعه في مكة، فاشتراه منه عبد الله بن جدعان. ولما أدرك عبد الله ذكاء صهيب ونشاطه اعتقه وجعله يتاجر معه، حتى صار معه مال كثير.

وذكرت بعض المصادر أن صهيب هرب من الروم وهاجر إلى مكة وحالف بن جدعان.

 

إسلامه وهجرته

لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، أسلم صهيب مع عمار بن ياسر في ساعة واحدة. يقول عمار رضي الله عنه، لقيت صهيب بن سنان عند دار الأرقم بن الأرقم ورسول الله فيها، فقلت له: ماذا تريد؟ فأجابني: ماذا تريد أنت؟ قلت له: أريد أن أدخل على محمد، فأسمع ما يقول. قال: وأنا أريد ذلك. يقول عمار ثم أسلمنا ومكثنا حتى أمسينا، ثم خرجنا ونحن مستخفيان.

وقد تعرض صهيب للتعذيب والاضطهاد من قريش في سبيل إسلامه. قال مجاهد بن جبر “أول من أظهر إسلامه سبعة النبي وأبو بكر وبلال وصهيب وخباب وعمار بن ياسر وسمية أم عمار رضي الله عنهم أجمعين، فأما النبي فمنعه الله، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأما الآخرون فأُخذوا وأُلبسوا أدراع الحديد، ثم أصهروا في الشمس”.

ولما هاجر رسول الله إلى يثرب، أراد صهيب الهجرة لكن اعترض طريقه رجال من قريش. فخيرهم إما أن يرميهم بسهامه وكان من الرماة المهرة، وإما أن يدلهم على ماله ويتركوه، فتركوه مقابل المال. ثم هاجر صهيب برفقة علي بن أبي طالب ولحقوا برسول الله في قباء في 15 ربيع الأول سنة 1 من الهجرة.

ولما علم رسول الله بما فعله وتضحيته بماله في سبيل اللحاق به، قال “يا أبا يحيى، ربح البيع، ربح البيع، ربح البيع”. وفيه نزل قول الله تعالى ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾.

آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين الحارث بن الصمة، ثم شهد كل الغزوات والمشاهد. ويقول صهيب “لم يشهد رسول الله مشهدًا قط، إلا كنت حاضره، ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضره، ولا غزا غزوة إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله”.

 

مكانته وفضله

كان صهيب الرومي رضي الله عنه، جوادًا كريمًا كثير النفقة في سبيل الله، يطعم المسكين، ويساعد المحتاج. فقد ورد أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قال له “أراك تطعم كثيرًا حتى أنك تسرف”، فأخبره أنه سمع النبي يقول “خياركم من أطعم الطعام ورد السلام”.

وكان صهيب من السباقين إلى الإسلام، فعن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “السّبّاق أربعة: أنا سابق العرب، وصهيب سابق الرّوم، وبلال سابق الحبشة، وسلمان سابق الفرس”.

ولما طُعِن عمر بن الخطاب، اختار صهيب بن سنان ليصلي بالناس إلى أن يختار أصحاب الشورى الستة الخليفة الجديد. وبعد مقتل سيدنا عثمان بن عفان اعتزل صهيب الفتنة حتى وفاته.

وقد وصفه الذهبي بقوله “كان فاضلاً وافر الحُرمة، موصوفًا بالكرم، والسماحة”.

كما كان رضي الله عنه، من رواة الحديث عن رسول الله وعن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب. وله في صحيح مسلم 3 أحاديث، وفي مسند بقي بن مخلد 30 حديثًا، كما روى له الجماعة في كتبهم.

ومن الأحاديث الشريفة التي رواها عن رسول الله “إذا دخل أهل الجنة الجنة قال: يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئًا أزيدكم فيقولون: ألم تبيض وجوهنا، ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار، قال: فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم”.

 

وفاة صهيب الرومي

توفي صهيب بن سنان رضي الله عنه، سنة 38 من الهجرة وصلى عليه سعد بن أبي وقاص، وتم دفنه في البقيع. وقد اختلف العلماء في عمره حين وفاته، فقيل 70 امًا، وقيل 73 عامًا، وقيل 84 عامًا.

 

 

المصادر:

الذهبي: سير أعلم النبلاء.

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

ابن الأثير: أسعد الغابة في معرفة الصحابة.

موقع قصة الإسلام: صهيب الرومي.

ابن حجر العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة.

 

 

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات