كان عبد العزيز بن مروان بن الحكم من خيار أمراء بني أمية. اشتهر بصلاحه وكرمه، فقد كان جوادًا يغدق المال على المحتاجين. وكان ولي العهد بعد أخيه الخليفة عبد الملك بن مروان بأمر من أبيهما مروان بن الحكم. لكنه مات في حياة أخيه ولم يصل إلى عرش بني أمية، وجاء من صلبه خليفة بني أمية العادل عمر بن عبد العزيز. حكم عبد العزيز مصر منذ أن استولى عليها أبوه مروان بن الحكم، وظل يحكمها حتى مات لمدة تصل إلى 20 عامًا.

 

نسبه

اسمه: عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.

أبوه: مروان بن الحكم، رابع خلفاء الدولة الأموية.

أمه:  ليلى بنت زبان بن الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة.

إخوته: الخليفة عبد الملك بن مروان، بشر بن مروان، أبان بن مروان، محمد بن مروان، عبيد الله بن مروان.

زوجاته: أم كلثوم الساعدية، وأروى الخولانية، ليلى بنت سهل الكلابية، حفصة بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، وأم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب ( والدة عمر بن عبد العزيز).

أبناؤه: الخليفة عمر بن عبد العزيز، الأصبغ بن عبد العزيز، زبان بن عبد العزيز، سهيل بن عبد العزيز، محمد بن عبد العزيز، عاصم بن عبد العزيز، أبو بكر بن عبد العزيز.

بناته: كان لعبد العزيز بن مروان عددًا من الإناث، لكن أشهرهم هي زوجة الخليفة الوليد بن عبد الملك، واسمها أم البنين.

أحفاده: عمرو بن سهيل بن عبد العزيز، وهو الذي ثار على آخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد، سنة 132 هـ. ودحية بن مصعب بن الأصبغ بن عبد العزيز، الذي ثار على الخليفة العباسي المهدي، ودعا لنفسه في صعيد مصر، لكنه قُتِل.

 

نبذة عن عبد العزيز بن مروان

ولد بالمدينة المنورة، واعتبره العلماء من الطبقة الأولى من التابعين. عمل رئيسًا للديوان في خلافة ابنه عمه عثمان بن عفان، ثم شغل منصب أمير المدينة في عهد معاوية بن أبي سفيان. ودخل الشام برفقة أبيه مروان بن الحكم بعد وفاة معاوية بن يزيد. عينه أبوه ولي العهد بعد أخيه عبد الملك، وولاه على مصر.

وقد روى الحديث الشريف عن أبيه، وعن أبي هريرة، وعقبة بن عامر، وعبد الله بن الزبير. ومن الأحاديث التي رواها عن أبي هريرة، قول النبي صلى الله عليه وسلم (شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع). وروى عنه ابنه عمر بن عبد العزيز، وعلي بن رباح، والزهري.

قال عنه ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث.

وذكر البعض أن عبد العزيز كان يلحن في كلامه وحديثه، فتعلم اللغة العربية حتى أتقنها وصار من أفصح الناس. وكان يجزل العطاء على من يعرب كلامه، وينقص عطائه على من يلحن. وبسبب ذلك تسابق الناس على تعلم اللغة العربية في زمانه. وقد ورد أنه قال لرجل: ممن أنت؟ قال من بنو عبد الدار. فقال: تجدها في جائزتك، فنقصه مائة دينار.

كان عبد العزيز كريمًا منفقًا لماله، فقد ورد أن قال: عجبًا لمؤمن يؤمن ويوقن أن الله يرزقه ويخلف عليه، كيف يحبس مالًا عن عظيم أجر وحسن سماع.

 

ولايته على مصر

بعد أن سيطر مروان بن الحكم على الشام، توجه إلى مصر لأخذها من والي عبد الله بن الزبير، وكان يدعى عبد الرحمن بن جحدم. ولما علم الوالي بقدوم جيش الشام حفر خندقًا حول الفسطاط، لكن مروان نزل في عين شمس، فاضطر ابن جحدم إلى الخروج لقتاله. وبعد فترة من الحرب قررا التصالح على دخول مروان مصر بشرط بقاء ابن جحدم واليًا عليها.

ودخل مروان مصر في جمادى الأول سنة 65 من الهجرة، ثم عزل ابن جحدم وفتح خزانته، وقدم الأعطيات للناس فبايعوه. وقبل عودته إلى الشام جعل على مصر ابنه عبد العزيز.

عمل عبد العزيز بن مروان بكل اجتهاد ونظم أمور مصر. كما اهتم بأعمال الإصلاح والتعمير، فبنى الحمامات والأبنية، وأقام مقياس على النيل لتحديد ارتفاع المياه. وفي سنة 67هـ، بنى دارًا للإمارة ومن عظمها كانت تعرف بالمدينة. كما زود مسجد عمرو بن العاص من جوانبه، وبنى المساجد والاستراحات.

وفي سنة 70 هـ، وقع طاعون في الفسطاط، فنقل عبد العزيز الحكم لمدينة حلوان، التي اهتم بها وشيد فيها القصور.

وكان على صلة بالكثير من القادة العسكريين، ومؤثرًا على مجرى الأحداث. ففي مصر عمل معه موسى بن نصير، ولما رأى اجتهاده وعبقريته العسكرية مدحه عند أخيه الخليفة عبد الملك بن مروان، وعينه على شمال أفريقيا بدلًا من حسان بن النعمان.

 

اهتمامه بتربية أبنائه

اهتم عبد العزيز بن مروان بتربية أبنائه على يد العلماء والفقهاء. ونال ابنه عمر اهتمامه الأكبر، فقد تركه ينشأ بين أخواله من آل الخطاب في المدينة المنورة. ولما أمر زوجته أم عاصم أن تلحق به خلال ولايته لمصر، تركت عمر برفقة خاله عبد الله بن عمر بن الخطاب في المدينة.

ولما وصلت إلى مصر، ولم يرى عبد العزيز ابنه، سألها “أين عمر”، فأخبرته بما قاله لها عبد الله “خلفي هذا الغلام عندنا، فإنه أشبهكم بنا أهل البيت”، ففرح بذلك.

وقد اختار عبد العزيز بن مروان ( صالح بن كيسان) ليقوم بتربية عمر وتعليمه. وتولى صالح تربيته، وكان يحرص على حضوره الصلوات في المسجد. فلما تأخر يومًا عن صلاة الجماعة، سأله “ما يشغلك؟”، قال: “كانت مرجّلتي (مسرحة شعري) تسكن شعري”.  فقال صالح: “بلغ منك حبك تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة؟”.

ثم كتب صالح بن كيسان إلى والده عبد العزيز يذكر له ذلك، فبعث أبوه رسولًا، ولم يكلمه حتى حلق رأسه.

وذات يوم مرَّ عبد العزيز بالمدينة المنورة خلال موسم الحج، فسأل صالح عن ابنه، فقال له: “ما خبرت أحدًا الله أعظم في صدره من هذا الغلام”.

 

خلافه مع أخيه عبد الملك بن مروان

ذكر بن جرير أن الخليفة عبد الملك بن مروان، كتب لأخيه عبد العزيز بن مروان وهو بمصر، أن يتخلى عن ولاية العهد لابنه الوليد لأنه أعز الناس على قلبه. فرد عبد العزيز عليه قائلًا: إني أرى في أبي بكر بن عبد العزيز ما ترى في الوليد.

ثم كتب له عبد الملك أن يحمل له خراج مصر، وقد كان لا يفعل ذلك سابقًا. فكتب إليه عبد العزيز: إني وإياك يا أمير المؤمنين قد بلغنا سنًا لم يبلغها أحد من أهل بيتك إلا كان بقاؤه قليلا… فإن رأيت أن لا تغثث علي بقية عمري فافعل. فرقَّ له عبد الملك، وقال: لعمري لا أغثث عليك بقية عمرك.

وقيل أنه لما وصل عبد الملك رد عبد العزيز دعا عليه وقال: اللهم إنه قطعني فاقطعه. فلما مات في نفس السنة، بكى عبد الملك بكاءً شديدًا عليه.

 

وفاة عبد العزيز بن مروان

اختلف المؤرخون في تاريخ وفاته، لكن الأرجح أنه مات قبل أخيه عبد الملك. وكانت وفاته في شهر جمادى الأول سنة 85 من الهجرة، ودفن في مصر. وقد ترك خلفه الكثير من الأموال والدواب ما يعجز عنه الوصف، رغم كرمه وبذله وعطاياه الجزيلة.

 

 

 

 

المصادر:

ابن كثير: البداية والنهاية.

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

عبد العزيز بن مروان: دكتورة سيدة إسماعيل كاشف ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب 2005م.

 

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات