كان الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، من الصحابة الكبار المجاهدين في سبيل الله. كرس حياته للدعوة إلى الإسلام وللجهاد في سبيل الله، فلم يترك غزوة إلا وشارك فيها. واستمر جهاده منذ هجرة النبي إلى المدينة وحتى آخر حياته واستشهاده في القسطنطينية في عهد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.

 

نسبه

اسمه: خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج.

قبيلته: الخزرج.

أمه:  هند بنت سعيد بن عمرو بن امرئ القيس. وقيل هند بنت سعد بن كعب بن عمرو بن امرئ القيس. وقيل زهراء بنت سعد بن قيس بن عمرو بن امرئ القيس. لكن المتفق عليه أنها أنصارية من قبيلة الخزرج.

 

إسلام أبي أيوب الأنصاري

أسلم أبو أيوب رضي الله عنه، قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة المنورة. وكان من بين الأنصار الذين شهدوا بيعة العقبة الثانية. وقد خصه رسول الله بالنزول عليه بعد وصوله إلى المدينة. وظل عنده مدة شهر، وقيل 7 أشهر حتى بُنيت له غرفة أم المؤمنين سودة، وبني له المسجد النبوي الشريف. وآخى النبي بينه وبين الصحابي الجليل مصعب بن عمير. وقد شهد أبو أيوب جميع المشاهد والغزوات مع النبي، وظل ملازمًا له مقتفيًا أثره طوال حياته.

 

حياته بعد النبي

ظل أبو أيوب الأنصاري يشارك في كل المعارك والفتوحات بعد وفاة رسول الله، فقد كان مجاهدًا وغازيًا عظيمًا. وقد استعمله علي بن أبي طالب على المدينة المنورة عندما ذهب إلى العراق. وظل بالمدينة حتى أرسل معاوية بن أبي سفيان جنده، فلحق بعلي رضي الله عنه في الكوفة. وقد شارك علي بن أبي طالب في حربه ضد الخوارج الحرورية، فكان قائد الخيل يوم النهروان. لكن لم يثبت مشاركته في صفين.

 

فضل ومنزلة أبو أيوب الأنصاري

كان أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، محبًا لرسول الله مدافعًا عنه. وفيه نزل قول الله تعالى ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ﴾. وذلك بعد أن دافع عن السيدة عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك. فقد ورد أن أم أيوب قالت لأبي أيوب “أما تسمع ما يقول الناس في عائشة؟”، قال: “بلى، وذلك الكذب، أفكنت يا أم أيوب فاعلة ذلك؟”، قالت: “لا والله”، قال: “فعائشة والله خير منك”، فنزلت فيهما الآية.

وكان رضي الله عنه من رواة الحديث، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبي بن كعب. وقد روى عنه الكثير من كبار التابعين وعلى رأسهم سعيد بن المسيب. له في مسند بقي بن مخلد 155 حديث، وانفرد مسلم بـ5 أحاديث، والبخاري بحديث واحد. كما روى له بقية الجماعة.

كما حظى أبو أيوب على احترام وتقدير الصحابة، فقد ورد أنه لما نزل على عبد الله بن عباس في البصرة، استضافه في بيته وقال له “لأصنعن بك كما صنعت برسول الله”.

وكان علي بن أبي طالب يقدره ويجله ويغدق عليه العطاء خلال خلافته. فقد ورد أن علي سأله “ما حاجتك؟”، فقال: “حاجتي عطائي، وثمانية أعبد يعملون في أرضي”. وكان عطاء أبو أيوب 4 آلاف، فضاعفها علي رضي الله عنه، خمس مرات، فأعطاه 2 ألفًا، و40 عبدًا.

 

جهاده في القسطنطينية

في سنة 49 هـ، جهز معاوية جيشًا لغزو القسطنطينية وجعل عليه ابنه يزيد، وكان ضمن جيشه عدد من الصحابة وأبنائهم مثل، أبو أيوب الأنصاري، عبد الله بن عمر، عبد الله بن عباس، الحسين بن علي، عبد الله بن الزبير. وكان النبي صلى الله عليه وسلم، تنبأ بغزو القسطنطينية وقال “أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم”.

كان أبو أيوب الأنصاري رجلًا كبيرًا في الثمانين من العمر، لكنه أصر على الذهاب والمشاركة في فتح القسطنطينية. وكان رضي الله عنه يقول ” انفروا خفافا وثقالًا لا أجدني إلا خفيفًا أو ثقيلًا”.

أوصى رضي الله بدفنه تحت أسوار القسطنطينية، فلما سأله يزيد بن معاوية عن حاجته قال: “إذا أنا مت، فاركب بي، ثم تبيغ بي في أرض العدو ما وجدت مساغا. فإذا لم تجد مساغا، فادفني، ثم ارجع.

يقول الواقدي: كان الروم يتعاهدون قبره، ويرمون ، ويستسقون به.

واختلف العلماء في تاريخ وفاته، فقيل عام 50 أو 51 أو 52 من الهجرة.

وبعدما فتح العثمانيون القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح عام 1453م، بنوا على قبره مسجدًا. ثم سموا المسجد “جامع أيوب سلطان” نسبه لأبي أيوب الأنصاري.

 

 

 

المصادر:

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.

ابن كثير: البداية والنهاية.

الطبري: تاريخ الأمم والملوك.

ابن الأثير: الكامل في التاريخ.

ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة.

 

 

 

 

 

 

 

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات