ثورة ربض قرطبة
كادت تنهي الحكم الأموي في الأندلس
ثورة الربض هي ثورة أشعلها أهالي حي ربض شقندة بقرطبة ضد الأمير الاموي (الحَكَم بن هشام) في 202 هـ/818م، وكادت هذه الثورة أن تنهي الحكم الاموي في الأندلس، فما قصتها؟
خلفية الثورة:
كان فقهاء المالكية ذوو مكانة مرموقة في الأندلس على المستوى السياسي والاجتماعي، لكن الحكَم بن هشام لما تولّى مقاليد الحكم في الأندلس، همّشهم وحدَّ من نفوذهم.
فغضب علماء المالكية، وبدأوا بتأليب عامّة الناس عليه، ثم اجتمع رأي علماء المالكية على عزل الحَكَم، وتعين أمير أموي يدعى (محمد بن القاسم المرواني).
فلما فاتحوا محمد بن القاسم بالأمر، أخبر الحَكَم بمال يُحاك له، فقبض الحكم عليهم، وأعدم 72 منهم، فزادت حالة الغضب والغليان حتى أن بعض الغاضبين كانوا ينادون ليلا من أعالي الصوامع: (الصلاة الصلاة يا مخمور) يقصدون الحكم حتى يسمعهم.
اندلاع الثورة:
وفي أحد الأيام وقعت مشادة بين جندي وأحد الحدادين في حي الربض، انتهت بقتل الحداد، فأعلن أهل الربض الثورة وحملوا السلاح، وتوجّوا نحو قصر الحكم، وحاصروه.
لما علم الحكم بالثورة بعث أحد قادته وهو عبيد الله البلنسي، على رأس فرقة من الفرسان إلى الربض، وطلب منه إحراق حي الربض، وبالفعل نجح البلنسي وفرقته بعبور النهر والثوار لا يشعرون بهم، وأشعلوا النار في مساكن أهل الربض، فلما شاهد الثوار ما حدث لبيوتهم، بادروا بالعودة لإنقاذ أولادهم ونسائهم وأرزاقهم، عندئذ هاجم جنود الحكم الثوار وأثخنوا فيهم قتلاً.
استمر القتل 3 أيام، ثم أمر الحكم بصلب 300 من ثائر، وأمر بهدم حي الربض وإجلاء أهله عن قرطبة، فتفرقوا بأرجاء الأندلس، وعبر بعضهم إلى المغرب، كما توجه منهم نحو 15 ألف إلى مصر وسكنوا الإسكندرية، ولكنهم طردوا منها.
إمارة إقريطش الإسلامية:
فلما تقطعت السبل أمام أهل الربض المنفيين وطردوا من الاسكندرية، توجّهوا إلى جزيرة إقريطش (كريت) عام 212 هـ/828م ، واستولوا عليها، وأسسوا فيها إمارة إقريطش، التي ما لبثت أن ازدهرت، ثم بدأت تغزو وتُغير على السواحل البيزنطية، وبعد ثلاثين عاماً من الحكم الإسلامي قام الامبراطور البيزنطي قسطنطين السابع باحتلال الجزيرة عام 350 ه/961م، وقضى على الربض قتلاً أو استعباداً أو تنصيراً.
فكانت بذور حكم إسلامي رشيد كاد أن ينشأ في جزيرة كريت ويستقر، ولكن تلك الدولة لم يكتب لها البقاء.
المصادر والمراجع:
دولة الإسلام في الأندلُس، لـ مُحمَّد عبدُ الله عنَّان.
تاريخ المُسلمين في الأندلُس، لـ مُحمَّد سُهيل طقُّوش.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *