"على يد الفاطميين"
هكذا سقطت دولة الأغالبة
تولى دولة الأغالبة بتونس أبو العباس عبد الله (289-290هـ) وكان في صقلية حين تنازل له أبوه عن الإمارة، وكان ساعد أبيه الأيمن في حروبه في مختلف الأقاليم، وخصوصاً في صقلية، كما كان شجاعاً عالماً بالحرب، وقام بتغييرات في ولاية الأقاليم، واصطدم مع داعي دعاة الفاطميين الذي استولى على ميلة.
بعد مدة قصيرة من حكمه تغيرت أحوال عبد الله فأظهر التقشف، وأظهر العدل والإحسان والإنصاف، وجالس أهل العلم وشاورهم، وترك قصر الرقادة وسكن داراً مبنية بالطوب، وكان لا يركب إلا إلى المسجد، ثمّ اغتيل في منزله بتونس على يد غلمانه في السنة نفسها.
وآلت الولاية والإمارة إلى ابنه المقيد زيادة الله بن أبي العباس (290-296هـ/ 903-909م) الذي خرج من السجن إلى سرير الملك، وكان آخر أمراء الأغالبة في بلاد المغرب، فأخذ البيعة لنفسه من أهله وأقاربه، وقرأ كتاب البيعة على منبر المسجد الجامع بتونس، ولكنه نتيجة للطريقة التي وصل بها إلى الحكم بدأ عهده بإراقة الدماء، فغدر بأعمامه وإخوته، وقتل بعض رجاله، واشترى بعضهم بالمال، وشهد عهده انتصارات داعي دعاة الفاطميين أبي عبد الله الشيعي المتوالية على كثرة الحشود التي حشدها لقتاله، فاستولى أبو عبد الله على سطيف، ثم قسنطينة سنة 292هـ/ 905م، خسر فيها زيادة الله جنده وسلاحه وماله، وتوالت هزائم الأغالبة يوماً بعد يوم، فاستولى أبو عبد الله على بَلْزَمة وطَبْنة، كما سقطت بيده تيجَس وتبعتها باغاية في شعبان عام 294هـ/ 907م ثم مجانة وقصر الإفريقي وتيفاش وقالمة أو قالة ومسكيانة وتبسَّا ومديرة (حيدرة) ومرماجنة والقصرين ثم توزر وقفصة، ثم سقطت الأرْبُس في 24 جمادى الآخرة سنة 296هـ/ 18 آذار 909م بعد معركة حاسمة.
وهكذا أخفق زيادة الله في وقف المد الفاطمي رغم محاولاته النجدة بالخلافة العباسية، وتوثيق صلاته بالحسنيين أقارب الأدَراسَة في المغرب الأقصى، وتحريضه الفقهاء في إفريقيّة وعامة الشعب على الفاطميين، فدبّ اليأس إلى قلبه وانغمس في اللهو والشراب، وبعد سقوط الأرْبُس في يد الفاطميين فرّ إلى طرابلس ومنها إلى مصر ففلسطين، وتوفي في الرملة.
فبايع الأغالبة ابن عمه إبراهيم بن أبي الأغلب، ولكن الناس ثاروا عليه مطالبين بالأمن والسلام، واضطروه إلى الخروج من العاصمة، فدخل الفاطميون القيروان ثم رقادة، وخلع الصقليون طاعة الأغالبة، وأعلنوا طاعتهم للفاطميين وهكذا سقطت دولة الأغالبة.
المرجع:
تونس من الفتح الاسلامي حتى سقوط دولة الاغالبة. اسم المؤلف, ابراهيم فرغلي.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *