كانت العلاقة بين الدولتين العثمانية والمملوكية يسودها التعاون والتحالف، كما يظهر في اشتراك أسطولهما البحري في صد الهجمات البرتغالية على السواحل الإسلامية.
لكن هذا التحالف لم يدم طويلاً، إذ بدأت الخلافات تظهر مع تصاعد التوتر بين السلطان العثماني سليم الأول والشاه الصفوي إسماعيل، حيث سعى الطرفان لاستمالة السلطان المملوكي قانصوه الغوري إلى صفه.
الشاه إسماعيل حذّر قانصوه من خطر سليم وطموحاته، في حين حاول سليم الأول إقناع قانصوه بخطر الصفويين وادعى أنهم مرتدون يهددون الشام.
مع انحياز السلطان قانصوه للموقف الحيادي ورفضه التحالف، تزايدت التوترات، وعند مسير سليم إلى بلاد فارس، هاجمت قوات علاء الدولة التركماني الخاضع للمماليك مؤخرة الجيش العثماني.
رغم تبرؤ قانصوه من الفعلة، إلا أن ردود أفعاله، ومنها شكره لعلاء الدولة، فُهمت على أنها موافقة ضمنية، عندها بدأ سليم يتربص بالدولة المملوكية، وازدادت الشكوك بين الطرفين.
بعد انتصاره على الصفويين في جالديران، ازداد موقف سليم قوة، ورفض وساطة قانصوه في الصلح مع الشاه، بل أهان رسله.
عندها اجتمع سليم مع قادة جيشه وقرر الحرب على المماليك، فأرسل إلى قانصوه يطالبه بالخضوع، لكن الأخير رد بإهانة الوفد، تحرك قانصوه بجيشه نحو الشام، بينما خرج سليم من إسطنبول.
اجتمع جيش قانصوه في سهل مرج دابق قرب حلب، وانضم إليه سيباي حاكم دمشق، بينما كان خاير بك والي حلب في تنسيق سري مع العثمانيين، ووعدوه بحكم مصر.
بلغ عدد جيش العثمانيين نحو 125 ألف مقاتل مزودين بمدافع وبنادق بدائية، بينما قدّر جيش المماليك بنحو 15–25 ألف مقاتل، ومعهم خيالة من مصر والشام.
بدأت المعركة بهجمات خاطفة من فرسان المماليك، أظهرت شجاعة كبيرة وأربكت الجيش العثماني، لكن العثمانيين استعانوا بمدفعيتهم الثقيلة التي قلبت موازين المعركة، عندها خان خاير بك، وادعى مقتل السلطان قانصوه، فتضعضعت معنويات جيشه وبدأ الانهيار، سقط عدد كبير من المماليك، وقُتل قانصوه أثناء انسحابه، ولم يُعثر على جثته.
أدى هذا الانتصار إلى دخول سليم الأول دمشق دون مقاومة تُذكر، وبدأ في التمهيد لغزو مصر. بعد وفاة قانصوه، بويع طومان باي سلطاناً، واستعد للدفاع عن مصر، إلا أن خيانة بعض الأمراء وتراخي القيادة أدت إلى الهزيمة في معركة الريدانية، ومن ثم نهاية الدولة المملوكية وضم مصر إلى الدولة العثمانية، مما فتح مرحلة جديدة في التاريخ الإسلامي والشرقي.
المصادر
بدائع الزهور في وقائع الدهور، ابن إياس.
تاريخ الدولة العلية العثمانية، محمد فريد بك المحامي.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *